صدر ضمن كتاب جماعي بعنوان:الإعلام الثقافي في الوطن العربي في ضوء التطور الرقمي، المنظمة العربية للثقافة والعلوم، تونس، 2016 ص 155- 173
النص الكامل
أكد الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري[1] أنّ الثقافة ترتبط في أذهاننا اليوم بشؤون فكرية لكنها لا تثير لدينا أي مضمون واضح. ولا تضع أمام أفهامنا دلالة دقيقة جليّة. لقد اقترنت بالوطنية في المنطقة العربية، في خمسينيات القرن الماضي، لتتميز عن الثقافة التي كانت مهيمنة في ذاك العقد في العديد من الأقطار العربيّة، وهي الثقافة الاستعماريّة، وتكون بديلا لها.
وحُمِّل مفهوم الثقافة الوطنية في تلك الأثناء بالكثير من التضمينات التي جعلت منه مشروعا سياسيا وأيديولوجيا يوحي بإيحائين. يشير الإيحاء الأول إلى أن الثقافة الوطنية هي ثقافة رسميّة، أي نتاج مؤسسات الدولة الوطنية الناشئة التي تستبعد أشكال الفعل الثقافي التي تجرى خارجها. ويدل الإيحاء الثاني على أن الثقافة تتسم بطابعها الفكري، وتشمل الهيئات والمنتجات الثقافية المكرسة والمشروعة؛ أي الثقافة العالِمة وليست الثقافة الشعبيّة. وبهذا اكتست طابعا نخبويّا. لذا رأى الفيلسوف المذكور أن الفهم المقبول للثقافة العربية في ذاك العقد لم يأخذ بعين الاعتبار بعدها الأنتربولوجي لأن الأنثروبولوجيا ) كاصطلاح كان خاصا بأولئك الذين يعنون بالبحث في أصل الحضارات وخصائصها المتميزة، خصوصا البدائية منها. وهذا الموضوع لم يكن يهم بشكل مباشر عالم الفكر في الأقطار العربية التي كان الكثير منها محكوما بما يسمى ” القضية الوطنية” التي تمثلت في الكفاح من أجل الاستقلال أو لتحرير الثقافات الوطنية مما تعرضت له من تدمير في العهد الاستعماري.)[2]
نلاحظ اليوم أن مفهوم الثقافة الوطنية انسحب من التداول اليومي في مختلف المنابر والفضاءات في العصر الرقمي. فصفة الوطنية انفصلت عن الثقافة. وبدت الثقافة الرقمية كأنها في غنى عن أي صفة إضافية مكتفية بما تملك من دلالة تقنية تسمو على “ما هو وطني” أو تفيض عليه. وأوحت صفة الرقميّة ببعدها عن أي رهان سياسي وفكري. وهذا لا يعني أنها بمنأى عن أي نقاش أو جدل ذي طابع فلسفي في مساءلة علاقتنا بالتقنية.
في مفهوم الثقافة الرقميّة
يبدو أن مفهوم الثقافة الرقمية لا يثير أي خلاف وذلك لأن الجميع يتفق على ما يوحي به من علاقة بين الثقافة والتقنية، بيد أن اللبس والغموض يكتنفان هذه العلاقة ذاتها. لقد أشار الأستاذ الجامعي كرستوف جنين (Christophe Genin (إلى أن مفهوم “الثقافة الرقميّة” يحتوي على الكثير من الأشياء المختلفة والمتنوعة، مثل إجراءات التسجيل الصوتي والمرئي واسترجاع الصوت أو الصورة والمُعَدّات التي تستفيد من هذا الإجراء، مثل الكاميرا والهاتف ومُشَغِل الأقراص المدمجة أو المُنْتَجات المنجزة بفضل هذه الإجراءات التقنية، مثل القرص المدمج ((CD ، وموقع في شبكة الانترنت، وغيرها.[3] ولعل هذا اللبس يعود إلى الفهم السالف للثقافة الذي حصره جيلي هاردوين (Julie Hardouin ( وألفريد منتسكيو (Alfred de Montesquiou ) في المستويين التاليين : يحيل المستوى الأول على حوامل الثقافة، ويشير المستوى الثاني إلى مسار التملك لكل ما اكتسب خلال التاريخ ومن الأجيال السالفة عبر الفكر. ويشمل على وجه الخصوص اللغة المشتركة، والمعارف العلميّة والأدبيّة[4]. ويبدو أن هذا الفهم السالف مفيد في تحديد الواقع الذي يغطيه مفهوم الثقافة بيد أنه يؤكد صعوبة فصل الثقافة الرقمية عن الحوامل التقنية الراهنة التي تساهم في نشوء بيئة رقمية متكاملة.
ويعرف “ميلاد دويحي” ( Milad Doueihi) الثقافة الرقمية بأنها تغيير جذري أدخل ممارسات جماهيرية إلى الثقافة، ووضع معايير ثقافية جديدة أعادت النظر في المواضعات (conventions ) والتقاليد المعترف بها في المجال الثقافي.[5]
تتجاور العديد من المصطلحات والمفاهيم مع الثقافة الرقمية أو تتداخل معها، نذكر منها الثقافة التعبيرية[6] والثقافة الافتراضية أو السيبرية (cyberculture) التي تستعمل، في الغالب، كمرادف للثقافة الرقمية أو بديل لها بالمعنى الذي حدده أندري لموس[7] (André Lemos ). لقد رأى هذا الأخير أن الثقافة الافتراضية نجمت عن تداخل تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية و تدل على علاقة جديدة بين التكنولوجيا والتنشئة الاجتماعية وفق القوانين الثلاثة التالية: حرية البث والنشر التي تتيح بروز الأصوات والخطب التي أقصتها الصناعات الثقافية وقهرتها، والربط بالشبكات، وإعادة تشكيل الثقافة عبر المنظومات والممارسات الإعلامية والفضاءات التي لا تحلّ محلّ الأشكال الثقافية القديمة.
وتستبدل ثقافة المواءمة بالثقافة الرقمية. ولا يقصد بالمواءمة في هذا المقام بمعناها التقني الضيق الذي يعني تمكين منتج ثقافي ما ( رواية، موسيقى، فيلم، وغيره ( من الانفصال عن حامله وقابلية حفظه في أكثر من وعاء رقمي، ومضاعفة نسخه وانتقالها عبر حوامل تقنية مختلفة، بل يقصد بها تلك التي تؤول إلى التشارك، كما رآها الباحث الأمريكي ” هنري جنكيز (Henry Jenkins )، إذ يعتقد أن ( انفجار أشكال الإبداع الجديدة التي تقع في نقطة تقاطع وسائط الإعلام والتكنولوجيات، والصناعات والمستهلكين يشجع ظهور أشكال جديدة من المشاركة ويمنح للأشخاص الوسائل والأدوات لنشر المحتويات، والتعليق عليها، وتملكها، وأرشفتها).[8]
ما وراء المفهوم
تأسيسا على ما تقدم يمكن القول أن التكنولوجيا الرقمية غيرت الثقافة تغييرا جذريا لم يتردد الكثير من الكتاب بمقارنتها بالثورة التي أحدثتها المطبعة في عالم الثقافة والتعليم والفكر. فالثقافة الرقمية هي التعبير الرمزي عن التحولات العميقة التي يعيشها المجتمع في مجال الاتصال والتعليم والمعرفة والاقتصاد والسياسة والعمران والتنظيم الاجتماعي. لذا لا يمكن اعتبار رقمنة الثقافة مجرد عملية تقنية، وأن الثقافة الرقمية مجرد نقل الثقافة من الورق إلى بنوك المعلومات المَحشيَّة في بطون الخوادم والأقراص المدمجة وشبكة الانترنت. فلا تكمن علاقة الشبكات بالثقافة في الطريقة التي تعبر بها هذه الشبكات عن الثقافة الموجودة بمنأى عنها أو التي وجدت قبلها، ولا في الأسلوب الذي تؤثر به هذه الشبكات عليها. إن هذه العلاقة ماثلة في الفضاء الجديد الذي يملك ثقافته الخاصة أو ينشئها والتي تظل على صلة مستمرة بالثقافة التي سادت وتسود خارج الشبكات الرقمية.[9]
نعتقد أن هذا الفهم يحدد الأفق الذي يوجه التفكير في عملية الإنتاج الرقمي للثقافة العربية، ويؤطر تقييم ما تم إنجازه في هذا المجال. وحتى نؤسس هذا التفكير على قواعد صلبة وسليمة لابد من استحضار ما يشكل خصوصية الثقافية الرقمية، ليس من منظور ما يميزها عن الثقافة الورقية فقط، بل من المنظور الأنطولوجي والفلسفي، ونلخصها في النقاط الثماني التالية:
يؤكد مارك غيوم ( Marc Guillaume) [10] بأن جوهر التكنولوجيا الرقمية ليس رقميا. إنه يكمن في الإبدال العام Commutation . بمعنى إن هذه التكنولوجيا أداة لإقامة روابط غير متناهية. وتتمثل عبقرية ما هو رقمي في عنونة كل شيء : الأقوال، والنصوص، والصور، والخرائط، والمدن، والأشخاص، والأسماء، والكتب، والأفلام، والأغاني، والموسيقى وغيرها…
تتسم الثقافة الرقمية بنشأتها المستأنفة لأنها منتج ” تشكيلي”؛ بمعنى قابليته لإعادة التشكيل. إنها تتطلب من مستخدمه/ مستهلكه المساهمة في استكماله ليس بتعليقاته عليه فقط، مثلما يلاحظ على مواقع الشبكات الافتراضية، بل بتملكه وإخضاعه لحاجته ورغباته، وإعطائه معنى
تمنح الثقافة الرقمية الإمكانيات للفرد وللمجتمع المدني للاستحواذ على الثقافة فتحررها من نخبويتها. وهذا يعني تعزيز المفهوم الانتربولوجي للثقافة وتجسيده عبر تغلغل المنتج الثقافي في مختلف الأوساط والشرائح الاجتماعية.
تسمح الثقافة الرقمية بالتمفصل بين الثقافات المختلفة: العالمية، والوطنية والمحلية[11] بالمعنى الجغرافي وليس بتضميناتها السياسية والأيديولوجية، والثقافة المحلية، من جهة، وتعمل، من جهة أخرى، على إنتاج ثقافة تتجه لفك ارتباطها بالمكان، فهي ثقافة اللامكان أو الثقافة التي يشارك فيها الجميع من كل الأمكنة حسب قدراتهم وإمكانياتهم وزادهم الثقافي.
تتجاوز الثقافة الرقمية فلسفة ” الثقافة للجميع” التي أصبحت ” ثقافة لكل فرد” على يد وزير الثقافة الفرنسي السابق “أندري مالرو ( Andre Malraux ). لقد اعتقد هذا الأخير أن “الثقافة للجميع”، التي تنم عن نية طيبة تتمثل في توصيل الثقافة إلى جميع المواطنين و إضفاء الطابع الديمقراطي على الثقافة الراسخة والمُؤَسسة، لا تخلو من حمولة إيديولوجية نخبوية. فالنخبة من منظور هذه الفلسفة هي التي تملي على “الشعب” الثقافة التي يجب أن يتغذى بها. وتعني ” ثقافة لكل فرد” أن الذين يريدون ثقافة معينة، ولهم الحق فيها ينالونها.[12] تقترح الثقافة الرقمية فلسفة تؤمن بأن ” لكل فرد ثقافته”. وثقافته في هذا المقام تملك دلالتين، يقصد بالدلالة الأولى أن للفرد الثقافة التي يريد الإطلاع عليها والتمتع بها والاستفادة منها والاحتفاظ بها واقتسامها مع غيره. وهذه الدلالة كامنة في فلسفة ” ثقافة لكل فرد”. ويقصد بالدلالة الثانية الثقافة التي ينتجها الفرد أو يساهم في إنتاجها ويبثها أو ينشرها وينتظر رد الفعل عليها سواء في شكل نقد أو تعليق أو إعادة إنتاج وتوسيع دائرة انتشارها لتتجاوز السياق الذي أنتجت فيه. لذا نلاحظ بأن شبكة الانترنت هي الفضاء المفضل لتجسيد هذا المبدأ. لقد صدق فيليب كيو (Philippe Quéau ([13] عندما أكد على عدم وجود جمهور الانترنت لأن مفهوم الجمهور لا ينطبق على شبكة الانترنت بتاتا التي تتوجه للجميع، أو لكل من يملك إليها سبيل ليفعل بها ومعها ما يريد وما يحتاج.
تعّد الثقافة الرقمية ثقافة الذكاء الجماعي الذي يتنافي والتراتبية. ثقافة أفقية تؤمن بأن المعلومة يجب أن تكون عمومية، أي تنشر حتى يطلع عليها الجميع، وتخضع للنقد الذي يمنحها قيمة.[14]
لا تحافظ الثقافة الرقمية على الفصل الذي عمر طويلا بين الثقافة العالمة أو الثقافة الراسخة والثقافة الشعبية، والثقافة الرسمية والثقافات الفرعية وإن كان رأسمال قد عمل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الالتفاف على الثقافات الفرعية وإذابتها في الثقافة الجماهيرية، وعلى تصنيع الثقافة الشعبية وتنميطها وتسليعها بما فيها الثقافة الشعبية في بعض الأقطار العربية. لقد عجلت التكنولوجية الرقمية إذابة هذه الثقافة ودفعتها بشكل أقوى نحو العالمية.[15]
يعتقد طبيب الأمراض العقلية الفرنسي والمختص في الصورة ، سارج تيسرون (Serge Tisseron )[16]، أن الثقافة تقترب من اللغة وأشكال العلاقة والنقل والإرسال بقدر ما هي مواد وأشياء ثقافية في حد ذاتها. ويرى أن الثقافة الرقمية بصدد تحرير الثقاقة ككل من مرجعية الكتاب. فالشريط المرسوم والسينما التي تعد الحجر الأساسي في ثقافة الشاشة ظلت، في نظره مبنية وفق أنموذج الكتاب، وتخضع مدونتها الفيلمية لمنطق الكتاب في خطية الأحداث، وبنائها السردي ذى التسلسل الزمني المتدرج أو العكس.
المحتوى الرقمي العربي : ملامح ورهانات
قطعت بعض الأقطار العربية شوطا كبيرا في مجال ” رقمنة التراث” العربي سواء بالمبادرات التي قامت أو تقوم بها المؤسسات الخاصة وهيئات المجتمع المدني أو التي اضطلعت أو تضطلع بها مؤسسات الدولة منفردة أو بالتعاون مع البلدان الأجنبية والمنظمات الدولية، مثل منظمة اليونسكو والاتحاد الدولي للاتصالات، وغيرها، كالمشروع الموسوم بـــ ” ذاكرة العالم العربي” الذي يدعمه الاتحاد الدولي للاتصالات بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، ومركز الوثائق والتراث الثقافي والطبيعي المصري.
ولتوضيح هذا الشوط نذكر تجربة القرية الإلكترونية، وهي شركة خاصة في دولة الإمارات، التي أطلقت موقع الوراق الإلكتروني( http://www.alwaraq.net ). لقد بدأت هذه الشركة مشروعها في شكل مكتبة خاصة في قرص مدمج CD في 1996 ليتحول بعد أربع سنوات إلى موقع في الشبكة العالمية يَضُمّ أهم عيون التراث العربي في اللغة والشعر والأدب والفقه والحديث والتصوف والأنساب، ثم أطلقت موقع المسالك ) http://www.almasalik.com ) في 2005 ووجهته لجمع التراث المكتوب الخاص بأدب الرحلات ونشره، وموقع “حوايا” للشعر الشعبي بمنطقة الخليج ( http://www.7awaya.com ) في السنة 2008. [17]
ويمكن أن نشير في هذا الإطار إلى موقع الأصول الرقمية بمكتبة الإسكندرية في شبكة الانترنت (http://dar.bibalex.org ) وهو عبارة عن بنك رقمي لمقتنيات مكتبة الإسكندرية وإدارته. ويسمح بالاستفادة من النص الرقمي كاملا بالنسبة للكتب التي سقطت عنها حقوق التأليف ودخلت إلى مجال الملكية العمومية، ومن الخرائط الرقمية والصور وأفلام الفيديو والملفات السمعية والسمعية البصرية.
ويمكن أيضا الإشارة إلى جهود جمعية الماجد للثقافة والتراث التي عملت منذ تأسيسها في 1991 على جمع التراث العربي الإسلامي المكتوب حيثما يوجد وترميمه، والحفاظ عليه من الاندثار. وتعمل حاليا على رقمنته، ونشر ما دخل منه إلى حيز الملكية العامة في شبكة الانترنت قصد تعميم الاستفادة منه على أوسع نطاق. هذا إضافة إلى مشروع محمد بن راشد آل مكتوم لرقمنة مخطوطات الأزهر، والجهود التي تبذلها دول المغرب العربي لرقمنة تراثها القديم، مثل رقمنة مقتنيات المكتبات الجامعية كمكتبة جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بقسنطينة- الجزائر- من الفقه المالكي والأحاديث والسير النبوية والفلسفة والطب وتاريخ اللغة العربية والأدب والشعر والتي يعود تاريخ بعضها إلى 1187 ميلادي. ورقمنة المكتبة الوطنية المغربية ودار الكتب التونسية ومشروع “ريمار” الذي انطلق عام 2012 بالمملكة المغربية ويجمع مؤسسات مغربية وإسبانية للعمل من أجل رقمنة الذاكرة المغربية الأندلسية المشتركة.
وبجانب رقمنة التراث العربي المكتوب للحفاظ عليه من الضياع والتلف، خاصة بعد أن تزايدت الأخطار التي تهدده في أكثر من قطر عربي وإسلامي بدءًا بالمالي الثرية بمخطوطاتها القديمة وصولا إلى اليمن، هناك العديد من المشاريع الثقافية الطموحة التي تسعى إلى تعزيز النشر الرقمي وليس رقمنة ما هو موجود، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر، مركز توثيق التراث الثقافي والطبيعي المصري التابع لمكتبة الاسكندرية الذي أنشئ في 2000 بدعم من وزارة تكنولوجيات الإعلام والاتصال. وبوابة ” حكومي” الإلكترونية القطرية التي تسعى إلى توفير المعلومات والخدمات الحكومية في 2011. والعديد من المشاريع في المملكة العربية السعودية التي انطلقت في 2011 من أجل نقل المملكة إلى مجتمع المعلومات والمعرفة، لعل أبرزها المشروع المسمى” ارتقاء” الذي يعدّ أحد المزودين الرئيسين بالمحتويات الرقمية على الجوال ويتضمن مكتبة رقمية. ومشروع ” اثنان أربعة و54″ ( رقم إحداثيات موقع أبو ظبي الجغرافي) الذي “يسمح بتطوير محتويات الإعلام والترفيه الرقمي ذي النوعية الرفيعة بالعرب ومن أجل العرب.”[18]
لا تقدم المشاريع المذكورة لوحة كاملة للجهود المبذولة من أجل الارتقاء بالمحتوى الرقمي العربي غير أنها ترسم، مع بقية المشاريع الحالية والقادمة أفاقا مستقبلية للاستثمار التقني والبشري والثقافي في مجال المحتويات الرقمية العربية. لذا فإنها تحتاج إلى تنسيق الجهود العربية في هذا المجال. فبعض التقارير العربية والأجنبية الخاصة بمجتمع المعلومات في المنطقة العربية تشير إلى نقص التنسيق بين الدول العربية في هذا المجال، وتحث على استدراكه.
وتدعو هذه المشاريع إلى تقييم ما تم إنجازه في مجال الإنتاج الثقافي العربي الرقمي من أجل الاستفادة من دروس الماضي. وسيكون هذا التقييم مثمرا دون شك إن أخذ بعين الاعتبار الرهانات المطروحة على المنطقة العربية في مجال تجديد ثقافتها في العصر الرقمي. التقييم الذي يجب أن يرتبط بخصوصية الثقافة الرقمية وبيئتها من جهة، وبالسياق التاريخي والسياسي التي تطرح فيه المسألة الثقافية في الأقطار العربية، من جهة أخرى. ويمكن إدراج هذه الرهانات في المستويات التي نحاول أن نفصلها عن بعضها البعض من باب التوضيح فقط، بينما الواقع يؤكد تشابكها ، وهي كالتالي:المستوى التقني، والاقتصادي والاجتماعي، والقانوني، والتواصلي، والثقافي والفكري.
المستوى التقني:
تجمع معظم التقارير على أن معدل نسبة الحضر في الأقطار العربية بلغ 63% وقد يصل إلى 80% في بعضها. وأن حوالي 50% من سكان هذه الأقطار يقل سنهم عن 24 سنة. وهذان العاملان يشكلان ضغطا متزايدا على البلدان من أجل استخدام شبكة الانترنت والاتصالات وتطويرها. ورغم الجهود المبذولة من أجل تعميم البنيات التحتية الكفيلة بإنتاج المحتويات الرقمية وتعميمها إلا أن ” الفجوة التكنولوجية” بين الأقطار العربية لا زالت قائمة. لقد زادت نسبة تغلغل الانترنت ذي التدفق العالي عبر المحمول في 2012 عن 25 % في معظم الأقطار العربية، وعن 50% في ثمان منها فقط، وبلغت 70% في بعضها القليل جدا.[19] وتوجد هذه الفجوة حتى في القطر الواحد كاشفة عن التفاوت بين المدينة والريف. هذا إضافة إلى غياب التشبيك الانترناتي المباشر بين الأقطار العربية. وإن كانت بعض الأقطار العربية لم تستخدم الألياف البصرية بعد في توصيل شبكة الانترنت، فالأقطار التي تستخدمها لم تتمكن بعد، مع الأسف، من استثمار طاقاتها التوصيلية لضعف رصيدها من إنتاج المحتويات الرقمية المختلفة وبثها: الاتصالات الهاتفية، وخدمة الانترنت، والبث التلفزيوني…
إذا كان للوسائل الإعلام السمعية والسمعية البصرية دور كبير في الإنتاج الرقمي فإن البث الرقمي الأرضي الإذاعي والتلفزيوني في جل الأقطار العربية مازال متأخرا مقارنة بالبلدان الأجنبية ذات الأوضاع المشابهة. ربما كان للبث الرقمي الفضائي الذي اختارته الأقطار العربية، بما فيها تلك التي توجد في أقاليم ذات مساحة صغيرة، تأثير على محدودية البث الرقمي الأرضي.
يبدو أن العقبة التي تواجه تطور المحتوى الرقمي في الأقطار العربية تكمن في كلفة الاشتراك في الانترنت ذي النطاق العريض Band Width. لقد كان هذا الاشتراك، في 2012 ، يكلف أي شركة مبلغا ماليا يزيد بـ 2250% عما تدفعه لو كانت موجودة في بلد من بلدان منظمة أعضاء التنمية والتعاون الاقتصادي.[20] ويزيد سعر واحد ميغابايت في الثانية في الأقطار العربية بــ 1000 % عن سعره في بلدان المنظمة الذكورة في السنة ذاتها.[21] وهذا يعني أن 40% من الفئات الأكثر فقرا في اليمن، على سبيل المثال، تدفع 50% من دخلها من أجل الاشتراك في الانترنت ذي التدفق العالي المحمول و 46 % من أجل الاشتراك في الانترنت على الخط الثابت ذي التدفق العالي.[22] وهذا خلافا للوضع في الدول الخليجية التي لا يزيد السعر فيها عن 5% من الدخل.
بالطبع إن لم تعالج هذه المعيقات التقنية والاقتصادية التي تعاني منها الكثير من الأقطار العربية في المستقبل القريب، في إطار تعاون اقتصادي- تقني عربي، ستزن بثقلها على طموح الأقطار العربية ككل. الطموح لرفع حضور محتوياتها الرقمية في مواقع شبكة الانترنت من 1.5% إلى ما بين 4 و5% من مجمل المحتويات الموجودة في مواقع شبكة الانترنت في حدود السنة 2020. و تشجيع الانترناتيين على رفع “استهلاكهم” للمحتويات الرقمية إلى 50 جيغا بايت في الشهر في حدود السنة المذكورة.[23]
لعل هذه المؤشرات تدفع إلى التفكير في العلاقة بين مستوى استخدام الانترنت والدخل الوطني والدخل الفردي، والتي ترهن، إلى حد ما، إنتاج المحتوى الرقمي في الأقطار العربية.
لقد قطعت الأقطار العربية شوطا كبيرا في تذليل الصعوبات التي يواجهها الحرف العربي في ولوجه البيئة الرقمية وفي إعداد النسخ العربية لمختلف البرمجيات التي لا تكف عن التجديد والتطور. ونعتقد أن المشاريع المطروحة اليوم في المنطقة العربية، مثل مشروع ” أبليكشن أرابيا” Apps Arabia الذي تشرف عليه مؤسسة ” ” اثنان أربعة و54″ يساهم في تذليل المزيد من الصعوبات التي يواجهها الحرف العربي، خاصة تلك يشتكى منها الناشر العربي للكتاب الرقمي والمتمثلة في تطبيقات برنامج ( ( Epub باللغة العربية. فهذا المشروع يعد همزة وصل بين مطوري برامج الكمبيوتر والانترنت ومخترعي المحتويات. هذا دون أن ننسى أن للسوق كلمته في هذا المجال. لقد دفع الشركات العالمية العملاقة في مجال المعلوماتية والانترنت إلى تعريب الكثير من التطبيقات والبرمجيات.
المستوى الاقتصادي والاجتماعي:
إن تعزيز المحتوى الثقافي الرقمي العربي وتطويره يظل مرهونا بالشرط الاجتماعي والاقتصادي. فالشرط الاجتماعي يتمثل في امتصاص البطالة والقضاء على الأمية قبل الأمية الإلكترونية التي تعني التحكم في استخدام الكمبيوتر واستعمال شبكة الانترنت. فالعديد من التقارير العربية والدولية تؤكد وجود 51.8 مليون أمي في المنطقة العربية يزيد سنهم عن 15 سنة، في العام 2012، منهم 66% إناث! وإن معدل نسبة المتعلمين الذين يزيد سنهم عن 15 سنة بلغ 77.5 % في السنة ذاتها.[24] ويتطلب الشرط الاقتصادي إعادة النظر في السياسات القطرية التي تحدد معالم الأنموذج الاقتصادي الذي يجب اتباعه على مستوى كل قطر من جهة، وإحداث انسجامها على الصعيد القومي. الأنموذج الذي يحدد أشكال التعاون بين القطاعين العام والخاص في الاستثمار في التجهيزات التقنية بغية الوصول إلى أدنى سعر للاشتراك في شبكة الانترنت ذي التدفق العالي في أفق 2020، أي تخفيض سعر الاشتراك الشهري في شبكة الانترنت ذات سعة واحد جيغابايت إلى دولارين فقط في الشهر بغية القضاء على الفجوة القائمة بين الأقطار العربية.
يذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن معدل النفاذ إلى شبكة الانترنت لا يتجاوز 10 % من في جيبوتي وجزر القمر والعراق وموريتانيا، بينما يزيد عن 85% في قطر والبحرين والإمارات.[25] ويتطلب الشرط الاقتصادي أيضا رسم سياسة تشجع على اقتناء الكمبيوتر ومستلزماته والاشتراك في شبكة الانترنت. ويمكن الاستلهام في هذا المجال من سياسة تدعيم سعر الكتاب التي طبقتها بعض الأقطار العربية في ستينيات القرن الماضي وسبعيناته. وكذا البحث عن أشكال تمويل إنتاج الثقافة الرقمية وتحقيق العدالة في توزيع عائداتها المالية على مختلف الفاعلين في صناعة الثقافة الرقمية والانترنت والاتصالات.
ويمكن أن نسجل بكل أسف، في هذا المقام، عدم تعميم تجربة “الانترنت المجاني” على الأقطار العربية، خاصة في تلك التي يعاني فيها الفرد من مدخول مالي ضعيف. للعلم لقد خاضت مصر هذه التجربة ثم تراجعت عنها بسرعة نسبية. [26]وهي تجربة رائدة تسمح بتحميل المحتويات الثقافية المجانية وتحدّ من ظاهرة ” الند للند” التي تعدّ أكبر خطر يهدد المؤلفين والكُتّاب والموسيقيين والمخرجين في قوتهم جراء حرمانهم من عائدات حقوق التأليف والحقوق المجاورة. ويبدو أن تحديد سعر معين وثابت للاشتراك في الانترنت مقابل الإطلاع على المحتويات الثقافية الرقمية وتحميلها، بصرف النظر عن عدد زيارة المواقع وحجم ما يُحمّل منها، يعدّ افضل طريقة للمساهمة في تمويل الإنتاج الرقمي الثقافي. بالطبع هذا لا يعفي الدولة في أي قطر عربي من مسؤوليتها الاجتماعية والسياسية في المجال الثقافي. المسؤولية التي تفرض عليها تطبيق مبدأ ” الحق في الثقافة” الذي يعادل” الحق في التعليم”. ويمكن الاستفادة من دروس الماضي في قطاع السينما، على سبيل المثال. فماذا جنينا من انسحاب الدولة من الاستثمار في هذا القطاع، في بعض البلدان العربية التي كانت رائدة في الإنتاج السينمائي سوى ” أفلام الشقق المفروشة” التي لم تقدم قيمة مضافة للسينما والإبداع العربيين. وماذا جرى للسينما الجزائرية بعد أن حلت مؤسسات إنتاجها؟ لقد دفعت بالمخرجين إلى البحث عن تمويل أجنبي، ومن فرنسا تحديدا من أجل تقديم أفلام تنظر إلى الواقع الجزائري بعيون فرنسية أو تنظر إلى العرب بصور نمطية معروفة.
إن الرهانات التي يطرحها الإنتاج الثقافي الرقمي العربي تتطلب عدم تسليمه لمنطق السوق لأن القطاعين العام والخاص العربيين لا يملكان ما يمكنهما من مقاومة الشركات الدولية العملاقة التي اتجهت إلى الاستثمار في مجال رقمنة الثقافة واختزالها في الترفيه. ويمكن أن نشير، في هذا المقام، إلى أن أول مسلسل رقمي عربي يبث في شبكة الانترنت والموسوم بـ ” Shankaboot ” مولته وأطرته شركة ” البي بي سي وورد”. ولم تقم به شركات القطاع العام أو الخاص العربية العاملة في قطاع الثقافة.
وإن اختزال الثقافة في الترفيه يعني تحويلها، بشكل أو أخر، إلى مشروع تجاري لا غير. فالثقافة بالنسبة إلى الشركات الدولية العملاقة هي مشروع تجاري. ومن يشك في هذا القول فليراجع المعركة ” القانونية” التي خيضت ضد شركتي ” ميكروسوفت” و”غوغل” في الولايات المتحدة الأمريكية وأروبا لرقمنة الكتب ومحتويات المكتبات من خلال المسح الضوئي، بما فيها تلك التي لازالت مصانة بحقوق التأليف. لقد قادت هذه المعركة بعض المكتبات العمومية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى إبرام اتفاقية مع ” اتحاد المحتوى المفتوح” ( Open Content Alliance) الذي يتيح المجال للأنترناتيين من الاستفادة من الكتب مجانا.
المستوى القانوني:
إن تطوير الإنتاج الثقافي الرقمي العربي يطلب إطارا قانونيا متجددا. فتكنولوجيا الاتصال والإعلام تتطور بإيقاع أسرع من نشاط السلطات التشريعية في الأقطار العربية. ولعل المشرع العربي يدرك أكثر من غيره حجم الفراغ القانوني الذي يعاني منه الإنتاج الثقافي الرقمي. وهذا يتجلى أكثر في النشر الرقمي، والبث الإذاعي والتلفزيوني الرقمي. فالأمر يتطلب الاجتهاد في تحديد ما هو المنتج الثقافي الرقمي حتّى يتم التوصل إلى تشريع يقنن استخدامه من جهة، ويضبط قانون ملكيته من جهة أخرى. فالثقافة الرقمية تملك خصوصيتها في مجال الملكية الفكرية والإبداعية مقارنة بالكتاب الورقي أو المسرحية أو الرواية أو الأغنية المنتجة وفق التكنولوجية التماثلية. وتنبع هذه الخصوصية من تعدد المساهمين في المنتج الثقافي الرقمي وتداخل مهامهم، والذين يشكلون طائفة من فنيي الصورة والصوت وكتاب النص أو السيناريو، والرسامين والقائمين بالغرافيكس والموسيقى والإخراج، ومطوري برامج الكمبيوتر، والمؤسسات المنتجة والباثة.
لعل ما يعيق المؤسسات الخاصة والعامة التي اتجهت إلى رقمنة التراث العربي المكتوب ، والتي ذكرنا بعضها أعلاه، يكمن حق الملكية الفكرية، فاقتصر نشاطها، في الغالب، على التراث الذي دخل إلى حيز الملكية العمومية( Domaine public ). لذا لابد من اجتهاد قانوني لتكييف حقوق المؤلف والحقوق المجاورة مع خصوصية البيئة الرقمية.
إذا كنا قد أشرنا إلى أن أحسن صيغة لتقنين مساهمة مستخدم الانترنت العربي في الإنتاج الثقافي الرقمي المتوفر في الشبكة تتمثل في ” الرخصة الشاملة” والمتمثلة في إضافة رسوم على فاتورة الاشتراك في شبكة الانترنت ذات التدفق العالي، مقابل السماح له بتحمّيل المواد الثقافية، فهذا لا يمنع من الإشارة إلى الأشكال الأخرى المتاحة للاستفادة من الإنتاج الرقمي في شبكة الانترنت. نذكر منها الرخصة الشاملة الاختيارية، أي أن يدفع مستخدم الانترنت مبلغا من المال مقابل ما يريد تحمّيله فقط، والرخصة الشاملة المتدرجة، بمعنى أن مستخدم الانترنت الذي يكتفي بالإبحار في شبكة الانترنت فقط غير ملزم بدفع أي رسوم. أما من يقوم بتحمّيل المحتويات الثقافية الرقمية فيدفع اشتراكا جزافيا يتدرج نحو الزيادة حسب ارتفاع حجم المواد التي يحمّلها. ويبدو أن هذا الحل يروم تحقيق نوع من المساواة بين مستخدمي الانترنت.
المستوى الاتصالي:
قفز عدد مستخدمي اللغة العربية في شبكة الانترنت من 60 مليون في 2008 إلى 135.6 مليون في 2011 ويقدر تقرير المعرفة العربي للعام 2014 أن نسبة زيادة مستخدمي هذه اللغة في شبكة الانترنت خلال الفترة الممتدة من 2000 إلى 2013 بلغت 5296%. [27] وإن كانت هذه النسبة مرتفعة إلا أن العديد من التقارير الدولية تجمع على أن حضور اللغة العربية في العالم الافتراضي يظل ضعيفا مقارنة بوزن المنطقة العربية الديمغرافي، حيث يلاحظ أن 18.8 % فقط من الناطقين باللغة العربية يستخدمون الانترنت في 2011 ، وهي نسبة متواضعة مقارنة بنسبة الناطقين باللغة الألمانية التي بلغت 79.5 %، على سبيل المثال، والناطقين باللغة اليابانية التي بلغت نسبتهم 78.4% وحتى الناطقين باللغة الكورية الذين بلغت نسبتهم 55.2%[28]. ومتواضعة أيضا بالنسبة لسوقها الثقافي ولتراثها الأدبي والفكري والفني. ومن المحتمل أن يوعز البعض هذا الأمر إلى أن الجهود التي بذلتها الأقطار العربية ولازالت من أجل الحصول على اسم نطاق، أي عنوان بروتوكول إنترنت، خاص بالمنطقة العربية (.arab) لم تكلل بالنجاح لحد الآن مع الأسف. وكذا تعريب عناوين البرتوكولات.
يبدو أن حضور اللغة العربية في شبكة الانترنت يطرح حقائق أكثر تعقيدا لكنه لم ينل حقه من النقاش والتفكير مع الأسف. وهذا ما تكشف عنه الإحصائيات التالية.
لا يتواصل سوى ما يعادل 0.162 % من أجهزة خوادم الانترنت في المنطقة العربية مع 0.198 % فقط من أجهزة خوادم الانترنت في العالم! وأن نسبة المواقع العربية التي تقع ضمن مليون موقع في شبكة الانترنت المصنف في المرتبة الأولى عالميا لا تزيد عن 0.187% فقط.[29] ولا يزيد عدد الصفحات المكتوبة باللغة العربية في شبكة الانترنت عن 3% فقط من مجمل الصفحات المنشورة في الشبكة ذاتها بكل اللغات. [30]
تؤكد المصادر الصحفية باستمرار على التزايد المضطرد في عدد المشتركين النشيطين في مواقع الشبكات الاجتماعية المختلفة في المنطقة العربية – رغم تضارب الإحصائيات الرسمية. وهذا مؤشر جيد يشجع الإنتاج الرقمي الثقافي العربي على أكثر من صعيد لأن هذه المواقع تتضمن وصلات إلكترونية تحيل على موقع الكتب التي تصدر حديثا، و الأفلام والأغاني، والروايات والأشعار. كما أن لمواقع الشبكات الاجتماعية دور في تعميم الأخبار الثقافية وتأثير على المجموعات في اختيار الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، والكتب، وغيرها من المواد الثقافية. وتساهم في إرساء تقاليد ” استهلاك” منتجات الثقافية. إن تزايد عدد المشتركين في مواقع الشبكات الاجتماعية في المنطقة العربية على أهميته لا يجب أن يحجب بعض الحقائق، منها:
أولا : تشترط الثقافة الرقمية المشاركة في إنتاجها، مثلما أوضحنا أعلاه، بينما تظل المساهمة الفردية في إنتاج الثقافة العربية الرقمية محدودة جدا. وبعيدة جدا عن المساهمات الفردية الأجنبية إذ يذكر أن 40% من المتصلين بشبكة الانترنت ذي التدفق العالي من الفرنسيين ينتجون محتويات.[31] علما أن اللغة الفرنسية لا تحظى بالمكانة التي تحظى بها بقية اللغات العالمية، مثل الإنجليزية والإسبانية.
ثانيا: تعاني الكثير من مواقع المؤسسات الثقافية العربية في شبكة الانترنت من فقر المحتوى الرقمي، مع الأسف، وبعضها الذي يملك محتوى لا يجدده باستمرار، ناهيك على أن الكثير منها يأخذ طابعا دعائيا وترويجيا. ربما يجادل البعض بالقول أن ضعف الانتاج الثقافي الرقمي العربي يشكل امتدادا لعجز الإنتاج الثقافي العربي في العصر ما قبل الرقمي، ويستدلون بوضع الكتاب وإنتاجه والترجمة من اللغة العربية وإليها. وهو الإنتاج الذي لا يصل إلى ما تنتجه إسبانيا أو اليونان على سبيل المثال. وقد يؤكدون استدلالهم هذا بقلة الإقبال على القراءة في الأقطار العربية.
ثالثا : مرئية ما ينشر من ثقافة رقمية. حتى يمكن النفاذ إلى ما ينشر في شبكة الانترنت من إنتاج ثقافي رقمي يجب أن يكون مرئيا. وحتى يكون كذلك لابد من تطوير محركات بحث موقعية، أي خاصة بالموقع الإلكتروني. ويمكن أن نتسأل في هذا الإطار لماذا تتسم الكثير من محركات البحث في المواقع العربية، ومواقع وسائل الإعلام العربية على وجه التحديد بضعف الأداء. إن هذا القول لا ينطبق على كل محركات البحث العربية . فهناك محركات مخصوصة تتلاءم مع اللغة العربية وعبّرت عن كفاءتها مثل محرك موقع ” الوراق”، على سبيل المثال، الذي أشرنا إليه أعلاه. لكن تبقى الحاجة أكثر من ماسة إلى محرك بحث عربي يقتسم مع محركات البحث العالمية المعروفة النشاط والعائد المالي في البحث في المواقع العربية على الأقل.
المستوى الثقافي والفكري:
إن الرهانات المطروحة على المستويات المذكورة أعلاه تبدو هينة، ويمكن التحكم فيها من خلال رفع الكفاءات التقنية الوطنية والقومية، وتبني سياسة ثقافة واجتماعية مقدامة ومسؤولة، وتحديث الترسانة القانونية التى تؤطر الطموحات في مجال تعزيز الإنتاج الرقمي. لكن تظل الرهانات التي تطرح على المستوى الثقافي والفكري عويصة لأنها تتطلب استثمارا على الصعيد المعرفي والرمزي على المدى الطويل، واستبصارا بخصوصية الثقافة الرقمية التي تطرقنا إليها أنفا. ويمكن تفكيك رهانات هذا المستوى إلى العناصر التالية:
نبذ الاقصاء:
عانت الحضارة العربية الإسلامية من قطيعة أنطولوجية. فما وصل إلى الأجيال الحالية من تراثها المكتوب: شعر، بلاغة، وفقه، وتصوف، وفلسفة ، والذي يعتبر ناقلا لبعض أوجه الهوية يعدّ قليلا وغير كامل وذلك لأنه نشر في الفترة الممتدة من 1850 إلى1930 التي شكلت مرحلة الانتقال من نمط الاتصال الشفهي إلى المكتوب[32]، ووفق الذهنية السائدة في تلك الأثناء وحسب مصالح وأهواء من كانوا متحكمين في الشأن الثقافي. والسؤال المطروح كيف يمكن رقمنة التراث العربي الإسلامي دون الاستمرار في النزعة الاقصائية، وكيف نخرج المنسي والمقصي من المخطوطات القديمة التي لازالت في حوزة الأشخاص والجمعيات والتكايا والزوايا ( جمع الزَّاوِيَةُ التي تعني مأوّى للمتصوِّفين والفقراء). وبتعبير الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري[33]، كيف تحرر الزمن الثقافي رقميا حتى لا يخضع للزمن السياسي الممزق ويكون تابعا له.
إن رقمنة التراث العربي غير المادي ، الذي يعد وعاءً للثقافة التقليدية والشعبية الضامنة للتعددية الثقافية، والمُعَرَّض أكثر للتلف يتطلب منحه بعدا تاريخيا من أجل إدراكه بشكل جيد. ويزود بحلقات وصل مع الواقع اليومي المعيش.
ما هو النص الرقمي؟
تصدى الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو” إلى الإجابة عن السؤالين التاليين: كيف تتم التفرقة بين النص واللانص؟ وكيف يصير قول ما نصا؟ وانتهى إلى التأكيد بأن النص يتسم بتنظيم فريد ويضاف إلى مدلوله اللغوي مدلول أخر مدلول ثقافي يملك قيمة داخل ثقافة معينة.[34] وحتى يتم التأكد بأن هذا القول أو ذاك يملك القيمة المذكورة كان يُخْضع قبل ميلاد شبكة الانترنت لآليات التحكيم التي تصادق عليه وتعتبره نصا. وتنطلق هذه الآليات في حركيتها بالمجلات التي تغربل ما يصلها من قول فتجيز نشر بعضه وكذلك دُوْر النشر، ثم رأي النظراء وحكم النقاد وصولا إلى رأي القراء. ويستمر القول خاضعا إلى هذه الآليات إلى غاية رسوخ قدم صاحبه في عالم الإنتاج الأدبي أو الثقافي أو الفكري. لقد تلاشت هذه الآليات في العصر الرقمي وأصبح بإمكان أي فرد أن يكون شاعرا وأديبا ومخرجا سينمائيا أو فنانا تشكيليا، ويكفي أن يبادر بالنشر فقط في شبكة الانترنت والمدوّنات الإلكترونية ومواقع الشبكات الافتراضية، والذي لا يكلفه أي شيء تقريبا ويداوم عليه. وهكذا يُمْحى الفرق بين النص واللا نص أو بالأحرى يغدو كل قول نصا. وإن كان هذا الواقع يسعد الكثير من المبدعين الذين عانوا من الإقصاء، ومن إجحاف سلطة السوق الذي بدأ يتحكم في مصير الإنتاج الأدبي والفني والثقافي بصفة عامة، ويجسد ديمقراطية الثقافة، فإنه يعيد طرح مسألة تحديد ما هو النص في الزمن الرقمي؟ ربما البعض يرى أنه من العبث طرح هذا السؤال في زمن الوفرة حيث أصبح بإمكان الأوعية الرقمية أن تستوعب كل ما يقال في المنصات الإلكترونية وشبكة الانترنت، لكن الجدوى من السؤال المذكور تكمن في تحديد المعايير التي تجعل من القول الرقمي نصا ويدرج في المتن الثقافي العربي، ويسري في شرايين مختلف المؤسسات الثقافية المختلفة والفضاءات التي تمنحه المشروعية، ويساهم في تزويد أبناء ثقافة ما بما يسمح بتماسكهم ويمتن قاسمهم الثقافي المشترك. والخشية أن تكون وسائل الإعلام الفيصل في الإنتاج الثقافي العربي الرقمي. فرغم تزايد عدد الفضائيات والمحطات الإذاعية العربية إلا أن الكثير منها يتغذى من مواد وسائل الإعلام الأجنبية المهيمنة، وبعضها الأخر يسعى إلى إنتاج مواد شبيهة أو مستنسخة من برامج أجنبية. وهذا يعني أن تصورات القنوات الأجنبية والذائقة الثقافية المعولمة تتدخل في الصناعات الثقافية الرقمية العربية، وتفرض النصوص الثقافية التي تساهم في بناء المتن الثقافي العربي.
إن الثقافة الرقمية ذات طابع حواري، والحوار يعني الاقتناع المسبق بوجود اختلاف في وجهات النظر وليس إجماع. لكن في ظل نبذ الاختلاف وغياب ثقافة الحوار في المجتمعات التي تتسم بالعنف حتى على مستوى العلاقات الاجتماعية يزداد التخوف من أن يتجرد المحتوى الثقافي الرقمي من سمته الحوارية فيطغى عليه الشتم والتخوين أو المماهاة والاستنساخ مثلما نلاحظ في سيل القول المتدفق في منصات البث الرقمي في شبكات الانترنت على سبيل المثال.
– تعد الصورة الركيزة الأساسية في الثقافة الرقمية المعاصرة . وتبدو العلاقة بالصورة في الثقافة العربية الإسلامية متسمة بالتوتر والمفارقة. والسبب في ذلك لا يعود لعامل الدين كما يعتقد البعض بل لجوهر الثقافة العربية الإسلامية التي يعتقد أنها قائمة على النمط الشفهي والكلمة المنطوقة. لقد قيل أن الشعر ديوان العرب وليس الصورة. حاول مولم العروسي أن يبرهن على هذا الاعتقاد بالقول )أنه بالإمكان أن نغلق أعيوننا وتستمع لفضائيات عربية كثيرة دون الحاجة إلى أنْ نراها لأن الأخبار تبنى أساسا على الخطاب وليس على الصورة. فالخطاب الجمالي أو ما يؤسس له غير موجود لأن ما هو سائد يتوجه فقط إلى المحتوى اللغوي لهذه الصور، دون تحليل للصور في حدّ ذاتها.([35] إذا كان منتجو الصورة في قطاع الإعلام والاتصال العربي لم يتحرروا من سطوة الخطاب اللفظي، فما هو موقف المتلقي العربي من الصورة؟ لقد اقترنت الصورة في مخيلته بأنها وسيلة ترفيه، لذا يحتاج إلى وقت وكفاءة معرفية تمكنه من قراءة الصورة بصفتها حاملا للمعرفة والعلم والثقافة أيضا، وألا تسجن الثقافة الرقمية في التسلية.
– نظرا للتقاليد الثقافية الراسخة على طول الجغرافية العربية، ولارتفاع نسبة الأمية كما ذكرنا أنفا ولانحصار دائرة المكتوب، فإن الإنتاج الثقافي العربي يواجه صعوبة تحرير النص المكتوب من إرهاصات الشفاهة. فإذا كان بعض الشعراء العرب المحدثين يسعون إلى إخراج الشعر من أسر القصيدة وتحريرها من هيمنة الشفاهي في “حضارة الورق”، ففي الثقافة الرقمية يوجد كم هائل من الإنتاج الثقافي مبني لغويا على المنوال المحكي، وحتى أن اللغة العربية المكتوبة لازالت أسيرة النمط الشفهي. لا يجب أن يفهم من هذا القول أنه يتضمن نظرة دونية للمحكي والثقافات الشعبية التي لا توجد إلا باللهجات المحلية أو أنه يصادر حقها في الوجود. فالكثير من أفلام الكرتون- الشريط المرسوم- على سبيل المثال- التي بثت في القنوات التلفزيونية العربية باللهجات المحلية، خاصة الخليجية- حققت نجاحا مؤكدا.
يجب أن يفهم مما سبق قوله أن البيئة الرقمية التي أزالت الجدار الذي ظل يفصل الثقافة العالمة عن الثقافة الشعبية بعد أن زودت هذه الأخيرة بأدوات التوسع والانتشار، قد تخلق عوائق إضافية في ترسيخ اللغة العربية ورفع قيمتها الثقافية والجمالية في الإنتاج الرقمي العربي، خاصة وأنها تعاني من منافسة اللغات الأجنبية، خاصة الانجليزية والفرنسية.
– تقوم وسائل الإعلام المعاصرة بدور بارز وديناميكي في الثقافة الرقمية. فـ” الميديا” بشكل أدق أصبحت تهتم أكثر بالبعد الأنتربولوجي للثقافة على حساب جانبها الفكري والتأملي، وتتجه أكثر إلى إنتاج المواد الإعلامية والثقافية المتجهة للاهتمام بالأنا الفردي في ظل استشراء ممارسات ” السيلفي” (Selfie) وتزايد برامج تلفزيون الواقع التي تعري الأنا الفردي وتسرده. ويطرح هذا التوجه صعوبات على الجهود الرامية إلى تجسيد طموحات الثقافة الرقمية العربية ويزيحها عن الاهتمام بالجانب الفكري لأن مفهوم الثقافة العربية محمل بمضامين ذات طابع جماعي أي الأنا الجمعي الذي يسمو فوق الأنا الفردي المشبع بالنرجسية.
المراجع:
[1] – محمد عابد الجابري، المسألة الثقافية في الوطن العربي منذ الخمسينيات، مجلة المستقبل العربي، العدد 346 كانون الأول / ديسمبر 2007 .
[2] – المرجع ذاته
[3]– Christophe Genin, Culture numérique: une contradiction dans les termes? actes du colloque franco allemand , patrimoine et culture numérique; Universite paris 1 Panthéon-Sorbonne Universite paris 1 Panthéon-Sorbonne, 31 aout – 2 sept 2004
[4] – Julie Hardouin & Alfred de Montesquiou ,Internet: culture et acculturation. Consulté le 22/07/2016 du site: http://barthes.ens.fr/scpo/Presentations99-0/Hardouin_Montesquiou/page_3.html
[5]– Milad Doueihi, La grande conversion numérique, Seuil, Paris 2008, p. 11-12
[6] – استعملت لورانس ألار هذا المفهوم – أنظر
Laurence Allard,Émergence des cultures expressives, d’internet au mobile MediaMorphose 21 septembre 2007
[7] – Lemos André, « Les trois lois de la cyberculture. Libération de l’émission, connexion au réseau et reconfiguration culturelle », Sociétés 1/2006 (no 91) , p. 37-48
[8] – Henry Jenkins– cité par Laurence Allard ,Émergence des cultures expressives, d’internet au mobile; Revue MediaMorphose 21 septembre 2007
[9] – Julie Hardouin & Alfred de Montesquiou, op cité
[10] – Marc Guillaume, les enjeux culturels du numérique dans les pays arabes; Table ronde au siege de Institut du monde arabe; tenue le 18 janvier 2016 . Visionnée le 21/07/2016 du site: http://www.imarabe.org/jeudi-ima/les-enjeux-culturels-du-numerique-dans-les-pays-arabes
[11] – jeff tavernier; 10 pistes pour penser la culture numérique; consulté le 22/07/2016 du site: https://jefftavernier.wordpress.com/2013/07/23/10-pistes-pour-penser-la-culture/numérique
[12] – طرح وزير الثقافة الفرنسي أندري مالرو هذه الفلسفة في خطابه الموجه إلى نواب البرلمان الفرنسي، وقد تبناها وزير الثقافة الفرنسي فريدريك مترون في 1990 . وقد اثارت نقاشا حادا لدى المثقفين الفرنسيين من مختلف الاتجاهات الفكرية، حيث اتهموه فيها بأنه يبحث عن تبريرات لتفريط الدولة في مسؤولياتها الثقافية – أنظر:
Anita Weber :Culture pour chacun » : culture du chacun chez soi,culture du chacun pour soi ? – Diasporiques nº13 mars 2011
[13] – Philippe Quéau; Cyber culture et info-éthique. Consulté le 22/07/2016 du site: www.unesco.org/webworld/telematics/cyber_culture.htm
[14]– Jeff tavernier, op cité
[15] – يمكن القول أن الهيبيز التي تعد حركة مناهضة لنمط المعيشة الأمريكي والرافضة للحرب، خاصة في فيتنام حُوِلت منظومتها الرمزية إلى علامات بارزة في تنميط الثقافة التي اكتسحت العالم.. وأن أغنية الرأي الجزائرية التي ظلت لفترة طويلة خلال سيتينات القرن الماضي وسبعيناته ثقافة فرعية وممنوعة في وسائل الإعلام الرسمية أصبحت مشروعة ورسمية. كذلك الأمر بالنسبة لموسيقى ” الجهجوكة” المغربية التي انتقلت إلى العالمية بفضل فنانين وكتّاب، خاصة براين جونس قائد فرقة رولينغ ستونز.
[16] – Serge Tisseron; La culture numérique; En quoi est-elle opposée à la culture du livre ? Consulté le 23/07/2016 du site: www.unesco.org/webworld/telematics/cyber_culture.htm
[17] – سيد، أشرف صالح محمد. تجارب عربية في التوثيق الرقمي للمصادر التراثية والثقافية Cybrarian Journal ، مجلة إلكترونية مهتمة بمجال المكتبات والمعلومات عدد 25 -يونيو 2011 مسترجع بتاريخ 24/07/2016 من الموقع : http://urlz.fr/3Tmy
[18] – UIT: Contenus numériques:Il est nécessaire de renforcer les contenus numériques, en arabe; Bulletin d’information; UIT News- Nº 2- 2012
[19] – Natalija Gelvanovska; Dr.Michel Rogy,Carlo Maria Rossotto Les réseaux haut débit dans la région du MENA pour l’accélération d’Internet à haut débit – La Banque Mondiale. USA, fevrier 2014
[20] – نقلا عن النشرة الإخبارية للاتحاد الدولى للاتصالات IUT- مصدر سابق
[21] – المصدر ذاته.
21 – Natalija Gelvanovska; Dr.Michel Rogy,Carlo Maria Rossotto, op cité
[23] – نقلا عن النشرة الإخبارية للاتحاد الدولى للاتصالات IUT- مصدر سابق
[24] حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، تقرير المعرفة العربي لعام 2014
[25] – المصدر ذاته
[26] – تبنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر هذه التجربة في 2002 وفق نظام الشراكة يجمع شركة المصرية للاتصالات وشركات مزودي خدمة الإنترنت لتقديم خدمة الاتصال بالإنترنت بتكلفة المكالمة العادية مع اقتسام تلك القيمة بنسبة 30% للمصرية للاتصالات و 70% لشركات تقديم خدمة الإنترنت.
[27] – المصدر ذاته
[28] – نقلا عن النشرة الإخبارية للاتحاد الدولى للاتصالات IUT- مصدر سابق
[29] – المصدر ذاته.
[30] – المصدر ذاته.
[31] – Philippe Chantepie Culture 2.0 » : observer, prospecter, changer. Revue MediaMorphose 21 septembre 2007
[32] – على أومليل: الخطاب التاريخي، دراسة لمنهجية ابن خلدون– معهد الإنماء العربي، لبنان، بدون تاريخ، ص 23
[33] – محمد عابد الجابري، مصدر سابق
[34] – عبد الفتاح كيليطو ، الأدب والغرابة، دراسة بنيوية في الادب، دار توبقال للنشر، المملكة المغربية، 2006 ص 80